آل البيت
· قَالَ تَعَالَى ] وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [ [سورة القصص، الآية 69] فِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيْمَةِ يُبَيّنُ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَمْرَ الْخَلْقِ وَالاخْتِصَاصِ إِلَيْهِ، وَلَيْسِ لِلعَبْدِ الْمُسْتَسْلِمِ للهِ تَعَالَى إِلاَّ الرِّضَا بِكُلِّ مَا اخْتَارَهُ اللهُ وَرَضِيَهُ لِعِبَادِهِ.
· وَقَد اصْطَفَى اللهُ مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَبَيّنَ ذَلِكَ فِي غَيرِ مَا آيَةٍ، فَقَالَ تَعَالَى ] إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيْمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِيْنَ ^ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ [ [سورة آل عمران، الأيتان 33و34]. وَقَالَ تَعَالَى ] وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيْمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [ [سورة البقرة، الآية 124].
· وَمِمَّنْ خَصَّ اللهُ عز وجل مِنْ عِبَادِهِ: العَرَبُ، خَصَّهُمْ بِحَمْلِ رِسَالَتِهِ، وَتَبْلِيْغِ دِيْنِهِ، وَنُصْرَةِ نَبِيّهِ، وَاخْتَارَ سَيّدَ وَلَدِ آدَمَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِفَضْلِهِمْ عَلَى غَيرِهِمْ مِنَ البَشَرِ؛ وَمِنْهُمْ: قُرَيْشٌ، وَهُمْ أَفْضَلُ العَرَبِ، وَخَيرُ قُرَيْشٍ بَنُو هَاشِمٍ، وَهُمْ آلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ اصْطَفَاهُمُ اللهُ تَعَالَى مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ)) [رواه مسلم].
· وَآلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُمُ الَّذِيْنَ حَرُمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ؛ وَهُمْ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ مِنْ نَسْلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَمِنْ نَسْلِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عِنْدَ جُمُهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ الأَئِمَّةِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَبَعضِ الْمَالِكِيَّةِ. [شرح فتح القدير 2/274، والمجموع 3/446، ومجموع الفتاوى 22/460، والمنتقى للباجي 2/153]. ، وَلَيْسَ لِهَاشِمٍ نَسْلٌ إِلاَّ مِنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص14]. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ رضي الله عنه: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: ((قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)) [متفق عليه]. وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الأَوْفَى إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)) [رواه أبو داود]. وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ (كساء) مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) [رواه مسلم]. وَالْحَدِيْثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَؤُلاَءِ أَخَصُّ وَأَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَيهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلاَ يَدُلُّ عَلَى الْحَصرِ.
· وَلِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُقُوقٌ عَظِيمَةٌ عَلَيْنَا؛ وَمِنْهَا: حِفْظُهُ صلى الله عليه وسلم فِي آلِ بَيْتِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَأَقَارِبِهِ رِضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَذُرِّيَتِهِمْ إِلَى يَومِ الدِّينِ، مَتَى ثَبَتَتْ نِسْبَتُهُمْ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ؛ لِكَونِهِمْ وَصِيِّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا، إِذْ حُبُّهُمْ إِيْمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ نِفِاقٌ وَكُفْرٌ وَطُغْيَانٌ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((أَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي)) [رواه مسلم].
· وَعَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَسَطٌ بَيْنَ الإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الاعْتِقَادِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ عَقِيْدَتُهُمْ فِي آلِ بَيْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَإنَّهُمْ يَتَوَلَّونَ كُلَّ مُسْلمٍ وَمُسْلِمَةٍ مِنْهُمْ، وَيُنْزِلُونَهُمْ مَنَازِلَهُمْ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَهَا بِالعَدلِ وَالإِنْصَافِ، لاَ بِالْهَوَى وَالاعْتِسَافِ، وَيَعرِفُونَ الفَضْلَ لِمَنْ جَمَعَ اللهُ لَهُ بَيْنَ شَرَفِ الإِيْمَانِ وَشَرَفِ النَّسَبِ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ مِنْ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ لإِيْمَانِهِ وَتَقْوَاهُ، وَلِصُحبَتِهِ إِيَّاهُ، وَلِقَرَابَتِهِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ صَحَابيّاً، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ لإِيْمَانِهِ وَلِتَقْوَاهُ، وَلِقَرَابَتِهِ، وَيَرَونَ أَنَّ شَرَفَ النَّسَبِ تَابِعٌ لِشَرَفِ الإِيْمَانِ، وَمَنْ جَمَعَ اللهُ لَهُ بَيْنَهُمَا فَقَدْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ الْحُسْنَيَيْنِ، وَمَنْ لَمْ يُوَفَّقْ لِلإِيْمَانِ، فَإِنَّ شَرَفَ النَّسَبِ لاَ يُفِيدُهُ شَيْئاً.
· قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، رَحِمَهُ اللهُ: لآلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأُمَّةِ حَقٌّ لاَ يُشْرِكُهُمْ فِيْهِ غَيْرُهُمْ، وَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ زِيَادَةِ الْمَحَبَّةِ وَالْمُوَالاَةِ مِا لاَ يَسْتَحِقُّ سَائِرُ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ يَسْتَحِقُّونَ مَا لاَ يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُمْ مِنَ القَبَائِلِ، كَمَا أَنَّ جِنْسَ العَرَبِ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَ يَسْتَحِقُّهُ سَائِرُ أَجْنَاسِ بَنِي آدَمَ، عَلَى هَذَا دَلَّتِ النُّصُوصُ، وَأَمَّا نَفْسُ تَرتِيْبِ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ عَلَى القَرَابَةِ، وَمَدحِ اللهِ لِلْمُعَيَّنِ وَكَرَامَتِهِ عِنْدَهُ؛ فَهَذَا لاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّسَبُ. [مصنفات محمد بن عبد الوهاب رقم 74، ص51و52].
· وَمِنْ حُقُوقِ آلِ البَيْتِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: تَوَلِّيْهِمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ؛ وَذَلِكَ بِحُبِّهِمْ، وَإِنْزَالِهِمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ التَّوقِيرِ وَالاحْتِرَامِ. وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَتَركِ إِيْذَائِهِمْ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ البَيْتِ أَحَدٌ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ)) [رواه ابن حبان والحاكم وصححه].