2 ـ بيت الزهراء هو ( بيت النبوة ). " لو لم يُخلق علي ، ما كان لفاطمة كفؤ " :
ـــــــ
( وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن شبيب بن غرقدة عن المستظل ، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ، أم كلثوم ، فاعتل علي بصغرها ، فقال : إني لم أرد الباه ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، ما خلا سببي ونسبي ، كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم .
وروى ابن سعد في الطبقات الكبرى بسنده عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام محمد الباقر ، عليهما السلام ، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم ، فقال علي : إنما حبست بناتي على بني جعفر ( يعني جعفر بن أبي
طالب ) ، فقال عمر : أنكحنيها يا علي ، فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ، ما أرصد ، فقال علي : قد فعلت ، فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر ، وكانوا يجلسون ، ثم علي وعثمان والزبير وطلحة و
عبد الرحمن بن عوف ، فإذا كان الشئ يأتي عمر من الآفاق ، جاءهم فأخبرهم ذلك ، واستشارهم فيه ، فجاء عمر فقال : رفئوني ، فرفئوه ، وقالوا : بمن يا أمير المؤمنين ؟ قال : بابنة علي بن أبي طالب ، ثم أنشأ يخبرهم فقال : إن النبي رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة ، إلا نسبي وسببي ، وكنت قد صحبته ، فأحببت أن يكون هذا أيضا .
هذا وقد أجمع المسلمون على أن سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم - الإمام الحسن
والإمام الحسين - أبناء سيدة نساء العالمين ، السيدة فاطمة الزهراء ، عليها السلام، من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وذريتهما ، رضوان الله عليهم ، إنما هم ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ، المطلوب لهم من الله الصلاة ، وذلك لأن أحدا من
بنات النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يعقب غير السيدة فاطمة الزهراء ، فمن انتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، من أولاد بناته ، إنما هم من أولاد السيدة فاطمة الزهراء .
ومن ثم فقد اعتبر بيت الزهراء هو ( بيت النبوة ) ، روى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر ، إذا خرج إلى صلاة الصبح ، ويقول : الصلاة الصلاة ، ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
وعن أنس أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يأتي بيت فاطمة ، ستة أشهر ، إذا خرج من صلاة الفجر يقول : يا أهل البيت ، الصلاة الصلاة يا أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا ) .
وهكذا أكرم الله تعالى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، بأن حفظ ذرية نبيه صلى الله عليه وسلم ، في ذريتها، وأبقى عقبه في عقبها ، فهي وحدها - دون بناته وبينه - أم السلالة الطاهرة ، والعترة الخيرة ، والصفوة المختارة من عباد الله ، من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ذلك لأن أبناء النبي الذكور ماتوا جميعا ، وهم أطفال لم يشبوا عن الطوق، ولم يبلغوا الحلم بعد.
وأما بناته صلى الله عليه وسلم ، فلم يتركن وراءهن أطفالا ، ما عدا السيدة زينب ، رضوان الله عليها ، فلم تنجب سوى ( علي ) الذي مات صغيرا و ( أمامة ) التي
تزوجها الإمام علي بن أبي طالب - بعد وفاة الزهراء ، وبوصية منها - ولكنها لم تنجب له أولادا .
ولم يبق بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، من بناته الطاهرات ، غير الزهراء البتول ، وقد أنجبت من الإمام علي بن أبي طالب : الحسن والحسين ( ومحسن الذي مات صغيرا ) ، وأم كلثوم وزينب الكبرى ، الشهيرة ( بعقيلة بني هاشم ) - ذات المقام المشهور في القاهرة ، حيث شرفت مصر كلها - .
وهكذا لم يكن لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عقب إلا من سيدة نساء العالمين ، السيدة فاطمة الزهراء ، وأعظم بها مفخرة ، وهكذا كان من ذرية الزهراء ، عليها السلام ، من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين ، عليهما السلام ، جميع إخواننا وأهلنا ، السادة الأشراف ، ذرية مولانا وسيدنا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما كان يدعو الحسن والحسين ابنيه ، فيقول صلى الله عليه وسلم عن الحسن ( إن ابني هذا سيد ) ، كما كان يقول للسيدة فاطمة ، عليهما السلام : ( ادعي ابني فيشمهما ويضمهما إليه ) .
وروى الإمام أحمد والحاكم وأبو نعيم والطبراني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حسين مني ، وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط ( 1 ) .
هذا فضلا عن أنه لما نزلت آية المباهلة ( آل عمران : آية 61 ) دعا النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليا وفاطمة والحسن والحسين ، وخرج للمباهلة ( 2 ) - كما أشرنا إلى ذلك من قبل بالتفصيل - .
وهكذا يصبح النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يرى له ولدا ، غير ولد الإمام علي بن
أبي طالب من السيدة فاطمة الزهراء ، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أنه كان لا يرى له نسلا متصلا ، إلا من كان من نسل علي وفاطمة عليهما السلام .
فإذا ما تذكرنا كذلك ، أنه ما من أمر كان يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، في شخصه ، وفي خاصة نفسه ، إلا وكان الإمام علي بن أبي طالب ، هو الذي يندب للقيام بهذا الأمر ، وليحل محل النبي فيه ، وليأخذ مكانه الذي تركه وراءه ، فمبيت علي
في برد النبي ، وعلى فراشه ليلة الهجرة ، وقراءة علي ما نزل من سورة ( براءة ) على أهل الموسم من المسلمين والمشركين ، سواء بسواء ، وخلافة الإمام علي النبي صلى الله عليه وسلم ، على آل البيت في غزوة تبوك .
أفلا يسوغ لنا - كما يقول الأستاذ الخطيب - ذلك كله ، أن نذكر معه ، خلافة الإمام علي بن أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم ، في أن يكون منه نسل النبي - دون غيره من الناس جميعا - وأن يكون ولد علي وفاطمة ، نسلا مباركا للنبي ولعلي معا - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - . )
ـــــــــــــــــــــ
الإمامة وأهل البيت ج 2 - محمد بيومي مهران ص 240 :
ــــــــــــــــــ
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .